رائحة الكافور لم تكن حكرا على عوالم الرجال والجنود تحديدا بل امتدت ذاكرة الكاتبات لنبشها وتأويل ما يمكن تأويله عنها.
الرواية تنسجم مع روح الرواية السيرية حيث(( صباح الخير يا ست مس س ل ثم …. فهونت عليه لفظ اسمي الذي استغربه وأنه لم يسمع به أنه مستمد من معركة ميسلون)) وعلى ما تقدم يثبت أن الروائية صممت على زج اسمها في السيرة الروائية الاكثر صدقا وتعبيرا. وهذا يحيلنا إلى سؤال ما دام الرواية أتخذت مسار الوقائع السيرية، هل كانت الاحداث حقيقية؟ هل كانت الاحداث متخيلة؟ هذه الاسئلة دفعت لوضع القارئ في مكان التشكيك في مقطع واليقين في مقطع آخر.
استطاعت ميبسلون فاخر من إمساك إبرة خياطة السرد بشيء من الحرفية لغة وحبكة واجتراحات لسايكولوجية اشخاصها(( فوزية التي قتلت في حملة قتل المومسات ابان النظام السابق وكذلك سمر وأزهار في حوداث تمر عليها الرواية بشيء من التفصيل).
(( ازدحمت رائحة الكافور في أنفي وكدت اختنق هل يعني هذا أن الموت يقترب مني؟)) الرواية تشتغل على نسغ انثيالات الرائحة مستلة من ذاكرة امرأة تحت مشرط الجراح، لميسلون بطلة الرواية التي تعاني من سرطان الثدي حيث تبدأ الرواية في مشهدها الاول بالتوجه إلى مشفى الاورام الخبيثة في الدوحةلها ، ثم بعد العملية وانثيالات التخدير تبدأ الذاكرة العراقية الحزينة في استذكار مشاهد العنف والاغتصاب والظلم الاسري لبطلاتها المستلابات بشي من الدقة والدهشة تجعل القارئ يفكر في تلك الحوادث الغريبة التي طرأت على مصائر ابطالها الخائبات.
تتجلى قدرة الروائية على مسك السرد وبناء شخصياتها بشيء من الحرفية العالية فنحن حتما في نهاية الرواية نقف أمام تقييم العمل الاول لكاتبة تتلمس طريق الكتابة بشي من الاقتدار. لكن هذا الاقتدار في الكتابة يحتاج في أغلب الاوقات وما تمنحه لها مساحة السرديات النسوية إلى الغوص في عوالم النساء أفضل بكثير من الخوض في عوالم محتكرة للكتاب فقط.
استطيع بعد إكمال رائحة الكافور أن اخلع القبعة محييا الكاتبة الجديدة التي أطلت من باب السرد وليس من نافذته واتمنى لها الاستمرار في الخوض في غمار السردية النسوية العراقية .
