مذكرات أسير في ايران
المؤلف هنا، وفي هذه المذكِّرات، كان صادقاً صدوقاً. كان يصف الشخوص الذين يلتقيهمْ بشيءٍ من الفطنة السردية الدقيقة، كان وصفاً يُتيح للقارئ أَن ينفخ الأرواح بما وُصِفوا كي تراهمْ أَمامك مجسَّدين، ليس الشخوص فقط، بل حتى الأَمكنة والمعسكرات وتفاصيلها الدقيقة، بدءً من المراحيض حتى قاعة النوم والأفرشة والملابس والأَحذية وغيرها، بحيث يجعل قارئَ المذكِّرات يخرج بانطباعٍ شاملٍ لما حدث وبالتواريخ الدقيقة. هذه المذكِّرات هي قطعة أدبية دقيقة المحتوى، تشتغل على بلاغة الحدث لا بلاغة اللغة. فعندما تُجهز على الكتاب، أو ربَّما أقول تلتهمه، حتى يكون الانطباع أنكَ كنتَ في نزهةٍ روائية خالدة عن الفجائع العراقية التي لا يعرفها الكثيرون. فمازالت الحرب كسلسلةٍ طويلةٍ، ما تنتهي حلْقتها الأُولى حتى تبدأ الثانية وهكذا، من دونِ أملٍ في نهاية النفق الذي لا ضوءَ في نهايتِه.
